نوقشت رسالة الماجستير الموسومة بــ (صورة المثقف في ادب ابي حيان التوحيدي) للطالبة نهى عبد الرسول زكي في كليتنا قسم اللغة العربية تخصص (ادب) من قبل لجنة المناقشة المتمثلة برئيسها الأستاذ الدكتورة سلافة صائب خضير وعضوية كل من الاستاذ المساعد الدكتورة زهرة خضير عباس  والاستاذ المساعد الدكتور مثنى عبد الرسول مغير وبأشراف الأستاذ المساعد الدكتور عبد المنعم جبار عبيد  وذلك يوم الاربعاء الموافق 27/6/ 2018 على قاعة (أ.د. هاشم طه شلاش) .

جاءت الرسالة بملخص ، وتمهيد ، وثلاثةَ فصول ، وخاتمة ، أَشتمل التمهيد على أمرين هما ، الاول : في التأصيل لمفهوم (المثقف) في الفكر العربي ، والفكر الغربي ، والثاني كان عن أبي حيان التوحيدي وأهم الامور التي لها علاقة وطيدة بالمثقف عنده، مجتنبة الحديث عن حياته بالتفصيل .

أما الفصل الاول ، فَوُسِمَ بمعاييرِ وأدواتِ ومصطلحاتِ المثقف عند التوحيدي ، وكان في ثلاثة مباحثٍ ، الاول : معايير المثقف عند التوحيدي ، والثاني : تحدث عن أدوات المثقف عند التوحيدي ، والثالث : مصطلحات المثقف عند التوحيدي، أما الفصل الثاني ؛ فقد أَشتَملَ علي تطبيق تلك المعايير على من اتصف بها من مثقفي أبي حيان ، في الدين  والادب والتخصص … الخ ، أما الفصلُ الثالثُ، الموسوم بمعايير التوحيدي بين المثالية والواقعية ، فقد ضَمَّ ثلاثةَ مباحثٍ تحدثت في الاول منها عن المثقف المثالي وفي الثاني عن المثقف الواقعي أما في المبحث الثالث فتحدث الباحثة عن علاقة المثقف بالمجتمع وجاء في قسمين : أحدهما: علاقة المثقف بالعامة من الناس  ، وثانيهما: المثقف والسلطة بين الإقصاء والاخصاء ، وكانت الخاتمة بأهم النتائج التي توصل اليها البحث .

وضع التوحيدي معايير لمثقفي عصره ،فشملت الموسوعية، واللغوية، وتطابق القول مع الفعل ،والثقة والامانه، والسخاء، ومدى تأثره بالجاحظ، والقرب من الوزراء ، فكان التوحيدي صادقا في وضع هذه المعايير إلا انه أخطا في عد القرب من الوزراء معيارا أساسياً للمثقف .

الثقة والأمانة والخلق معيارا أساسيا للمثقف عند التوحيدي ،ولكننا اذا بحثنا في مصداقية هذه المفاهيم في شخصية التوحيدي ، نكاد أن لا نجدها في سلوك التوحيدي، والذي يراجع مثالب الوزيرين يقف على حقيقة الرجل هذا ما يناقض ما نادي به حيث تعرض لشخصيتين مهمتين في عصره ، كابن العميد وابن الصاحب والمؤلف المقصود هو مثالب الوزيرين .

عندما طبقت هذه المعايير على مثقفي عصره من فقهاء ومتكلمين وكتاب وشعراء ومتخصصين سواء كانوا علماء في اللغة وفلاسفة وأطباء ومنجمين ومهندسين ، وجدت الباحثة أن أكثر من انطبقت عليهم معايير التوحيدي هم أكثرهم قربا من مزاجه كالجاحظ وأساتذته وأبو سليمان السجستاني وأبو سعيد السيرافي حتى أنهم اصبحو عنده مثقفين مثالين ، أما من كره ولم يوافق مزاجه ، فقد جرده من المعايير وأن وجدت، كابن عباد وابن العميد ؛ وبذلك يكون قد فقد الموضوعية في الوصف والتقييم ؛ لأنه شكك بعلميتهم أو أخلاقهم ولم ينظر إليهم بعين الباحث الموضوعي ، في حين هؤلاء، قد نالوا مدح وثناء غيره من الباحثين .

ومن الأمور التي أغفلها التوحيدي عند تشخيصه لمثقفيه غلبة الروح المتعالية النخبوية التي كانت من السمات البارزة في العديد من الذين أسبغ عليهم الثناء والتجله، ولهذه الروح المتعالية التي جعلتهم في حالة انفصام عن المحيط والسعي من اجل الارتقاء بهم وليس التقليل من شانهم ، بالكلمات القاسية التي جاءت على السنة مثقفي التوحيدي ، فقد بلغ بالتوحيدي الانحراف عنهم أن وصفهم – بالهمج الرعاع وشاركه في هذه النظرة أستاذه أبو سليمان السجستاني ،حتى مسكوبة سماهم الحمقى ، وهم في الحقيقة مادة المجتمع وأساسه الذي بدونهم لايمكن إن يقوم للنظام قائمة .

المثقف الواقعي الذي وجدناه عند التوحيدي فهو ما عليه في كتبه ومؤلفاته التي جاءت صورة لما كان يعيشه هو نفسه .

جاءت علاقة المثقف بالسلطة قائمة بين الإقصاء والاخصاء وهو يرى أن المثقف في عصره كان مقصيا عن السلطة ،وهذا الأخر ليس مطلقا كما يتصور التوحيدي ،ووفق معايير التوحيدي – إن يطلق عليهم وصف المثقفين كانوا قريبين من رجال الدولة وأولى الشأن فيها يعيشون في كنفهم ويحصلون على هباتهم وجوائزهم .


 

Comments are disabled.