شهدَ قسم التاريخ في كليتنا مناقشة اطروحة الدكتوراه الموسومة بــ (العلاقات السياسية التركية – الايرانية 1923 – 1945) للطالب صادق فاضل زغير تخصص تاريخ حديث من قبل لجنة المناقشة المتمثلة بـ :الاستاذ المتمرس الدكتورجمعة عليوي فرحان رئيساً ، (وكل من الاستاذ الدكتور سميرة عبد الرزاق عبد الله ، والاستاذ الدكتور نعيم جاسم محمد والاستاذ الدكتور علي محمد كريم والاستاذ المساعد الدكتور عماد نعمة محمد عضــواً) وبأشراف الاستاذ الدكتور عفراء عطا عبد الكريم ، وذلك يوم الاثنين الموافق 2017/9/18 على قاعة (الاستاذ الدكتور جواد علي) .

 سلطت هذه الدراسة الضوء على حقبة تاريخية مهمة من تاريخ العلاقات بين تركيا وإيران في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى وصولاً إلى انتهاء الحرب العالمية الثانية، ومما يزيد الموضوع أهمية هي مسألة تفاقم الصراع الدولي على منطقة الشرق الأوسط لاسيما، إيران بما تملكه من ثروة نفطية هائلة، وتركيا كونها تجاور الاتحاد السوفيتي، الذي كان يشكل الخطر الأكبر على مصالح الدول الغربية في منطقة الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم، بما يمثله من أفكار وأيديولوجية مختلفة عن الأفكار والأيديولوجية الرأسمالية التي تعتنقها الدول الغربية، والتي خشيت ان يسيطر على منطقة المضايق التركية، وبالتالي فرض سيطرته الكاملة على البحر الأبيض المتوسط وعلى المنطقة برمتها.

وكان الدافع وراء اختيار هذا الموضوع، هو مكانة الدولتين الكبيرة في منطقة الشرق الأوسط، وأهمية سياساتهما الإقليمية في العالم الإسلامي والعربي، وفي العراق على وجه الخصوص، والتأثير الكبير لسياستها على المنطقة برمتها فالدولتان كانتا ومازالتا تملكان من الثقل السياسي ما لايستطيع أحدُ نكرانه، ما يقتضي دراسة تاريخ الدولتين دراسة معمقة.

شهد البلدان أحداثاً كبيرة في عام 1923 ، لعل من ابرزها ما حدث في التاسع والعشرين من تشرين الأول من العام نفسه في كل من تركيا وايران، إذ أعلن عن تأسيس النظام الجمهوري وانتخاب مصطفى كمال اتاتورك رئيساً للجمهورية التركية، واختيار رضا شاه رئيساً للوزراء في اليوم نفسه، وهي مصادفة عجيبة، لذا تم اختيار هذا العام ليكون مدخلاً لموضوع الدراسة، واختير عام 1945 وهو العام الذي انتهت فيه الحرب العالمية الثانية، نهاية لموضوعها.

تألفت الدراسة من مقدمة وفصول أربعة وخاتمة تنطوي على خلاصة الاستنتاجات، تضمن الفصل الأول تمهيداً موجزاً لتاريخ علاقات البلدين في مطلع القرن العشرين حتى عام 1925، إذ تم التطرق فيه إلى طبيعة العلاقات التي ارتبط بها البلدان ودخول القوات العثمانية إلى الأراضي الإيرانية إبّان الحرب العالمية الأولى، وأثر الدعم التركي للحركات الثورية في إيران، وتعرض الفصل إلى بداية الاتصالات الدبلوماسية بينهما، ومسار العلاقات السياسية بين البلدين للأعوام 1923 وحتى عام 1925، والموقف التركي من قضية إعلان الجمهورية في إيران.

أما الفصل الثاني فقد استعرض المعاهدة المعقودة بين البلدين عام 1926، وكان من المؤمل أن تكون هذه الاتفاقية فاتحة لعهد جديد من العلاقات الايجابية بين البلدين، غير أن اندلاع المشاكل الحدودية بينهما، وقيام أكراد تركيا بحركتهم المسلحة في جبل اغرى، غَيَّرا طبيعة العلاقات بين البلدين، وكادت الحرب أنْ تقع بينهما بسبب دعم أكراد إيران لأكراد تركيا إبّان حركتهم المسلحة ضد تركيا، وما صاحب ذلك من اتهامات تركية لإيران، وقد اوضح الفصل عدم صحة هذه الاتهامات التي استندت إلى الشك والارتياب.

وأوضح الفصل الثالث الاتفاقيات التي عقدت بين تركيا وايران عام 1932، وما تبع ذلك من تقارب واضح بين البلدين، ونتج عن ذلك أنْ وَجَّهَ مصطفى كمال اتاتورك دعوة رسمية لرضا شاه لزيارة بلاده، وما صاحب هذه الزيارة من حفاوة وتكريم غير مسبوقين.

وقد عالج الفصل الرابع العلاقات التركية – الإيرانية للمدة (1934-1945) ، والتقارب الكبير الذي أضحت عليه العلاقات بينهما، والاثر التركي في سياسة إيران الخارجية، وقد نقض الفصل الفكرة السائدة عن هيمنة تركيا على السياسة الخارجية الإيرانية، إذ بين عدم وجود صحة لهذا الامر، بل ان الامر لايعدو حدوث تقارب وتطابق في وجهتي نظر البلدين تجاه الكثير من القضايا الخارجية، وتطرق الفصل ذاته إلى أثر ميثاق سعد آباد في علاقات البلدين، وموقف البلدين من قضية اندلاع الحرب العالمية الثانية، فضلاً عن التباعد الذي حصل في علاقتهما على اثر قيام بريطانيا والاتحاد السوفيتي بعملية غزو مشترك لإيران، وتنصل تركيا من مسؤوليتها القانونية إتجاه جارتها وشريكتها في الميثاق ، وما تبع ذلك من عودة الآمال التركية في الاستحواذ على إقليم اذربيجان.

جاءت الخاتمة لتفصح عما توصلت اليه الدراسة من نتائج، وفي حدود إمكانات الدراسة مستندة في ذلك إلى المصادر التأريخية المتنوعة.

وفي ختام المناقشة تم قبول الاطروحة بعد الاخذ بالملاحظات التي نوه عليها الاساتذة المناقشين .


Comments are disabled.