تم مناقشة اطروحة الدكتوراه الموسومة بــ ((المروريات التاريخية في مؤلفات الشيخ قطب الدين الرواندي “ت573هــ / 1177م” دراسة تحليلية نقدية)) للطالب عثمان محمد حسين في كلية التربية ابن رشد للعلوم الانسانية قسم (التاريخ) تخصص (تاريخ اسلامي) وبأشراف الاستاذ المساعد الدكتور علي حسن غضبان ، يوم الاربعاء الموافق 2017/9/20 على قاعة (أ.د.جواد علي) .
على الرغم من الايجابيات الكثيرة التي قدمتها الدراسات التاريخية الاكاديمية للمعنيين في الميدان التاريخي الاكاديمي او لطلبة العلم على حدٍ سواء، فإنهُ وبمضي الوقت لم يكن بقدور الدراسات اللاحقة إضافة أي جديد، لأن سعة الدراسات السابقة لم تعد تتحمل المزيد من الاضافات، مما دعا المعنيين في هذا المجال الى التفكير في ايجاد نوع آخر من الدراسات التاريخية الاكاديمية، ومنذ أواخر الربع الأخير من القرن المنصرم، بدأنا نلتمس نمطاً جديداً من الكتابات التاريخية المستوعبة لشروط المنهج واشكالاته، وقد تمثل ذلك بتوجه العديد من الباحثين لدراسة موضوع معين في كتابٍ ما أو ضمن مجموعة مصدرية واحدة، كأن تكون دراسة دولة أو حدث تاريخي أو عنوانات أُخرى ترتبط ببعض الجوانب والاوضاع ، مّما أسهم في اغناء الثقافة التدوينية، وبعث الأمل مجدداً لإحياء التراث التاريخي المغيب، فإن جمع ودراسة المرويات التاريخية المبعثرة في ثنايا كتاب واحد أو عدة كتب لمؤلفٍ معين أو لعدد من مؤلفين، ثم عقد موازنة بينها وبين ما يماثلها او ما يناظرها في الكتب الأُخرى، ومما يظهر فإن ذلك قد مثل نقلة نوعية في الدراسات التاريخية الاكاديمية الجديدة .
ان هذا التوجه الجديد في الدراسات التاريخية الاكاديمية قد وجد اقبالاً ملفتاً للنظر من المعنيين وطلبة العلم ، إذ ظهرت عشرات الرسائل والاطاريح الجامعية، فضلاً عن العديد من الكتب والمقالات التي حملت عناوين مختلفة لحدث تاريخي معين او لشخصية تاريخية او لدول سواء من بطون أحد الكتب او من كتب عدة لمؤلفٍ ما، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: تاريخ الطبري مصدراً عن ثورة الزنج في القرن الثالث الهجري(1)، وموارد البلاذري عن الأسرة الاموية في كتاب انساب الاشراف(2) ،ورواية تحرير بلاد الشام عند البلاذري في كتابة فتوح البلدان(دراسة نقدية مقارنة)(3)، والعراق وبلدان الخلافة الشرقية من خلال مؤلفات المستشرق البريطاني كي لسترنج(دراسة تحليلية)(4) .
وضمن هذا السياق والمنهج فإن الرغبة والفائدة العلمية قد حرضت الباحث على التوجه لهذا النمط التحليلي بغية الإسهام في عرض نتاج تأليفي لأحد أعلام المؤرخين ممن غيبوا بقصد أو بدون قصد، ولذلك كان التوجه لدراسة مؤلفات قطب الدين الراوندي(ت573ه/1187م) وانتزاع المادة التاريخية من محتوياتها بهدف دراستها ومقارنتها مع من سبقه أو من عاصرهُ .
