تم مناقشة اطروحة الدكتوراه الموسومة بــ ((التحليل الجغرافي للتغيرات الوظيفية في مدينة كربلاء بعد سنة 2003م)) للطالب حسن محمد علي حسين في كلية التربية ابن رشد للعلوم الانسانية قسم (الجغرافية) تخصص (بشرية) وبأشراف الاستاذ الدكتور صلاح داود سلمان ، يوم الاربعاء الموافق 2017/9/20 على قاعة (أ.د.خطاب العاني) .

يعد التغّير احد السمات البارزة التي تتعرض لها المراكز الحضرية لما تحويه من وظائف وخدمات مختلفة، ولما كانت استعمالات الارض هي انعكاس لنشاطات السكان وفعالياتهم داخل المدينة وتتأطر بعلاقات اقتصادية واجتماعية غير مستقرة، فان أي تغّير في نمط هذه العلاقات يصاحبه حتماً تغّير في الانشطة والفعاليات يتسبب عنها ظواهر مادية تتبلور في خصائص ترسم مشهد المدينة وتؤطر صورتها، تناولت الدراسة موضوع التغّيرات الوظيفية في البنية العمرانية لمدينة كربلاء بعد سنة 2003م واوضحت مراحل التطور الوظيفي والعمراني لمنطقة الدراسة منذ النشأة الاولى حتى المرحلة المعاصرة وخلصت الدراسة الى كشف وبيان وتحليل التغّيرات الوظيفية الحاصلة في منطقة الدراسة وتباينها المكاني وانعكاسات تلك التغّيرات على بنية المدينة الحضرية، وفيما يتعلق بالتغّير المساحي لاستعمالات الارض فقد ازدادت مساحة تلك الاستعمالات بعد سنة 2003م بمجموع (7730) هكتار متأثرة بالعديد من العوامل المكانية ابرزها التطور السكاني للمدينة وتطور حركة السياحة الدينية فيها، وقد استفادت الدراسة من البيانات الرسمية بعض الشيء بيد انها اعتمدت بشكل كلي على الدراسة الميدانية (الاستبانة) واستمرت هذه الدراسة لمدة ستة أشهر متصلة واعتمدت الدراسة على توضيح الصورة الجغرافية للمنطقة على الخرائط والصور الفتوغرافية والجداول المعتمدة إلى النسب المئوية وتوضيحها بالأشكال البيانية.

واستطاعت الدراسة أن تتوصل الى استنتاجات متعددة كان أهمها: عشوائية التوقيع المكاني للتغّيرات الوظيفية دون اعتبار لمبدأ العتبة أو الحد الأدنى للسلعة ولا لموقعها الاقتصادي ، أذ ان كثيراً منها قامت عل اساس توافر المكان وليس بسبب عملية التجاذب الوظيفي بين الأصناف المتشابهة أو القريبة منها والمكملة لها ، فقد تجاورت أنشطة اقتصادية متنافرة في مكانٍ واحد مما يؤكد أن حركة التغّير بشكل عام تسير من دون ضوابط حاكمة ، كما استحوذ القسم البلدي الاول اعلى نسبة تغّير وظيفي للاستعمالات التجارية بلغ فيها 30% بمساحة بلغت (109,1) هكتار، لأن مركزه يمثل منطقة الأعمال المركزية وبسبب شدة المنافسة على استعمالات الأراضي القريبة من المركز التجاري تقلصت مساحة الاستعمال السكني لصالح الاستعمالات الاخرى، بينما جاء القسم البلدي الخامس ادنى نسبة تغّير وظيفي للاستعمالات التجارية بلغ (9,4%) بمساحة بلغت (33,1) هكتار، لان  اغلب احيائه السكنية حديثة النشأة ولم يكتمل هيكلها العمراني.

وعملت الإجراءات الأمنية الدقيقة عند مداخل مركز المدينة القديم ومركزها التجارية بشكل خاص الى حركة هجرة كبيرة لعدد من النشاطات منها ما يتعلق بحياة السكان كما في الخدمات الطبية والصحية الى مناطق أخرى تتوافر فيها مقومات التوقيع المكاني ومرونة الأداء الوظيفي وسهولة الحصول على الخدمة المقدمة منها، الأمر الذي أحدث تغّيرات ضمن البناء الوظيفي فيها، ولذات السبب ايضا حدثت تغّيرات ضمن الصنف لبعض النشاطات الاقتصادية وانتقال بعضها الاخر لاسيما مؤسسات بيع المواد الإنشائية والأجهزة الكهربائية المنزلية الى خارج مركز المدينة القديمة واوضحت نتائج استمارة الاستبانة الاثار السلبية لتغّير الشوارع السكنية الى تجارية في منطقة الدراسة. كما توصلت الدراسة الى مقترحات متعددة كان أهمها: عدم السماح بتغّير الاستعمالات السكنية الى تجارية وايقاف توقيع الاسواق على الشوارع الرئيسية ، نظرا لكون سلبيات عملية التغّير اكثر من ايجابياتها وضرورة بناء الاسواق التجارية المثبتة في التصميم الاساسي المصادق عليه لكي نتخلص من المشاكل التخطيطية الناجمة عن عملية التغّير الوظيفي والحد من عمليات تآكل النسيج العمراني للمدينة القديمة عن طريق اعتماد سياسة الحفاظ على الموروث العمراني فيها ، اذ بالإمكان استملاك جزءا من ذلك النسيج العمراني القديم من قبل دائرة الاثار والتراث واعادة ترميمه فهو يشكل أرثها التاريخي وهويتها الحضارية، وضرورة اصدار الجهات التخطيطية في المدينة ضوابط تخطيطية عند استحداث التغّيرات ضمن الشوارع المصنفة لأغراض تجارية تعبر عن مستوى عالٍ من التنظيم والتوازن لاستعمالات الأرض في منطقة الدراسة.


Comments are disabled.