نوقشت اطروحة الدكتوراه الموسومة بـــ (التداولية في الدراسات الادبية الحديثة ) للطالبة سناء منير عبد الرزاق في كليتنا قسم اللغة العربية تخصص (اللغة) من قبل لجنة المناقشة المتمثلة برئيسها الأستاذ الدكتور عبد الرحمن مطلك الجبوري وعضوية كل من الاستاذ المساعد الدكتور عماد جبار كاظم والاستاذ المساعد الدكتور محمد عامر معين والاستاذ المساعد الدكتور حيدر محمد جبر والاستاذ المساعد الدكتور حيدر عبد الزهرة هادي وبأشراف الأستاذ المساعد الدكتور تحسين عبد الرضا الوزان وذلك يوم الاثنين الموافق 20 / 3/ 2018 على قاعة (أ.د. هاشم طه شلاش) .
عنيت هذه الدراسة بموضوع (التدّاولية) التي تُعدّ منهجاً جديداً أخرج ممّا كانت عليه بعزلها للغة عمّا يحيط بها من ظروف المُتكلم والمُتلقي وأثر تلك الظروف في الحدث الكلامي ، أي باعتنائها باللغة دون الكلام ، وبالكفاية دون الأداء .
فجردت النصوص واختزلتها ولم تصل إلى مرادها ، فجاءت التداوليّة بوصفها جزءاً لا يتجزأ من اللسانيات فأكملتها في أثناء تركيزها على المتكلم وعلاقته بالمتلقي ، وكيفية فهم الأخير لما يريد المتكلم بالضبط لا ما تعنيه العبارة ، وهي بذلك تسعى في الأجابة عن اسئلة كثيرة منها : ماذا نصنع حين نتكلم ؟ ماذا نقول بالضبط؟ من يتكلم ؟ إلى من يتكلم ؟ لأجل من ؟ كيف نتكلم بشيء ، ونريد شيء آخر ؟
لقد استطاعت التداولية بإجابتها عن هذه الإشكاليات المطروحة أمام البحث اللساني أن تتجاوز الوصف الصوري للغة في أذهان مستعمليها ، إلى الوصف واستعمالاته العامة والخاصة الخاضعة لظروف ومقامات الكلام ، ، ومقاصد المتكلمين .
لم تصبح التداوليّة مجالاً يعتد به في الدرس اللّغوي المعاصر إلاّ في العقد السابع من القرن العشرين بعد ان قام على تطويرها ثلاثة من فلاسفة اللغة المنتمين إلى التراث الفلسفي بجامعة اكسفورد هم : أوستن ، وسيرل وغرايس .
ومن بعد ذلك توالت الدراسات التداولية في الغرب وأخذت مساحة اشتغالها تتسع في الدرس اللساني ، وقد ألّف باحثون غربيون كتباً وبحوثاً في التداولية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : لينش ، ويول ، وليفنسون ، وموشيلار ، وبلانشيه ، وفرانسواز أرمينكو ، وفان دايك ، وليو ، وستيفن ، وغيرهم .
أمّا الثقافة العربية ، فبدت عنايتها بالتداولية محدودة في مؤلفات الدكتور طه عبدالرحمن في كتابه : “الدلاليات والتداوليات “(*) ويُعدّ هذا الباحث من المجتهدين في مجال علم اللغة بشقيه التراثي والحديث ، وتبعه الدكتور ” أحمد المتوكل ” فقد قام بتوليف ” منهج وظيفي” لدراسة اللغة العربية ، وهو منهج يقوم على مصنف البنية اللغوية وتفسيرها على أساس ربطها بالوظيفة التي تؤديها اللّغة في المجتمع .
وقد بدأ فهم الباحثين العرب للتداوليّة في مؤلفاتهم متبايناً سواء على صعيد المصطلح أو المفهوم ، أو الإجراء ، لعل هذا التباين يعود إلى أن التدّاولية وافدة من ثقافة غربية مختلفة عن الثقافة العربية هذا من ناحية ، فضلاً عن ذلك تداخل المفاهيم التداولية مع حقول معرفية أخرى كاللّسانيات التعليمية ، وعلم الدلالة …، جعلها ملتبسة وشائكة على الدارسين من جهة أخرى .
وانطلاقاً من هذه المعطيات وأهمية التداوليّة في دراسة المعنى في الاستعمال، جاءت أهمية البحث في التداوليّة واختيارها عنواناً لأطروحة الدكتوراه ، فضلاً عن ذلك رغبتي في التوجه نحو الدراسات اللّسانية المعاصر .
وبعد ان استكملت مقومات هذا الموضوع جمعاً ودراسة وجدت إن طبيعة البحث تنتظم في أربعة فصول ، يسبقها مقدّمة ، وتمهيد ويتلوها خاتمة نتائج البحث وقائمة بالمصادر والمراجع المعتمدة في البحث .