نوقشت رسالة الماجستير الموسومة بــ ((الدلالة النحوية للدعاء في المصباح للكفعمي)) للطالب طه جمعة عبد الحميد في كليتنا قسم اللغة العربية تخصص لغة ، من قبل لجنة المناقشة المتمثلة برئيسها الاستاذ الدكتور ساجدة مزبان حسن وعضوية كل من الاستاذ المساعد الدكتورنعمة دهش فرحان والاستاذ المساعد الدكتور لطيف عبد السادة فرحان وبأشراف الاستاذ المساعد الدكتور مائدة رحيمة غضيب وذلك يوم الاربعاء الموافق 2017/12/6 على قاعة (الاستاذ الدكتور هاشم طه شلاش) .

 للدعاءِ أثرٌ بالغٌ في حياةِ الانسان دلّت عليه النصوص القرآنية، وحثَّ عليه الأنبياء ابتداءً من نبي الله آدم (عليه السلام) إلى خاتم الأنبياء محمد (صلى الله عليه وسلم) ومن بعده ذريته أهل البيت (عليهم السلام).

والدعاءُ تعبيرٌ عن عملٍ اجتماعي عظيم تفرضه ضرورة المرحلة على الداعي،  إضافة  إلى وصفه تراثًا ربانيًا فريدًا يَظلُ على مرِّ الزمنِ مصدر عطاء ومبعث هداية ومدرسة أخلاق. وهو يشكل جزءًا مهمًا في حياةِ الانسانِ، فاللهُ تعالى في كتابه العزيز قرنه بالعبادة في قوله تعالى: (ان الذين يستكبرون عن عبادتي) [غافر:٦٠]، أي هو جزء من العبادة، ولا يخفى علينا أنَّ غايةَ الانسانِ في وجودِهِ هي تحقيقُ العبادة لله تعالى في قوله تعالى: (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون) [الذاريات: ٥٦]، فالدعاء هو الأساس في حركة العبودية اتجاه الله جلَّ وعلا. والدعاء هو الرغبة من العبد إلى الله تعالى. لذلك نلحظ شواهدَ كثيرةٍ من حياة الأنبياء العظام (عليهم السلام)، تنبئنا عن أهمية الدعاء في حياتهم. منها أنَّ نبيَّ الله عيسى (عليه السلام) في قوله تعالى: (قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا انزل علينا مآئدة من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وءاخرنا وءاية منك وارزقنا وانت خير الرزقين) [المائدة:١١٤] فكان دعاؤُه (عليه السلام) سببًا لنزول المائدة من السماء وهي من باب الاعجاز للأنبياء. والدعاء هو الاعتماد على القدرة المطلقة التي تحكم الكون، وهو حديث الإنسان إلى رَبِّهُ وعلاقة المخلوق مع خالقه. وهو مدِّ الايدي والأكفّ الخالية من كل ِّ شيءٍ باتجاه الكريم السخيّ وإظهار العجز أمام القادر المتعال.

وعلى الرغمِ من احتياجِ الانسانِ للدعاءِ في قضاءِ حوائجِهِ، فهو حالةٌ نفسيِّةٌ إيمانيِّةٌ تُشعِر الإنسان باطمئنان نفسي، وأنَّه يوجد خالقٌ يحفظه ويحرسه ويغنيه عن سؤال غيره، وهو يُشعِر الإنسان بأُنسِهِ بخالقِهِ، وهو يحتاجُ الدعاء في كُلِّ زمانٍ إذا كانَ في الشِّدَةِ والرَّخاءِ.  

ولذا ؛ إنَّ فِهمَ معنى الدعاء، ودراسته، وتحليله صوتيًا وصرفيًا ونحويًا ومعجميًا ودلاليًا، من الأمورِ المهمةِ، لِكي يَتَسنَّى لقارِئ الدعاء أنْ يُدرِكَ المعاني العميقة له.

ومن هنا قدحت في ذهني فكرة دراسة الأدعية فطرحتُ الفكرة على د. (مشتاق عباس معن) وقد أشارَ عليَّ بمراجعة كتاب المصباح للكفعميّ لانَّهُّ يُعَّدُ أصلٌ أو من أمات كُتبِ الأدعية المعتمدة، وبعدها اللجنة فكان رأيهم أنْ تكون دراسة الكتاب هو: (الدلالة النحويَّة للدعاء في المصباح للكفعميّ).

والذي دفع الباحث وشوَّقَه لدراسةِ هذا الموضوع هو جانبُ المعنى مصاحبًا الجانب النحوي، فقد أعطى في معظم فقرات الأدعية شرح لسياق الدعاء كي يتضحَ معنى الدعاء من حيث (الدلالة النحوية للدعاء) لأنَّهُ من سياقِ الدعاء يتضحُ المعنى النحوي.

إذ إنَّهُ لم يكنْ هناك شرحٌ كاملٌ لـ(أدعية المصباح)، وإنَّما كانت هناك شروحات متفرقة لأدعية مخصوصة في مصادر مختلفة، وكان منهج الباحث في هذا البحث منهجًا انتقائيًا.

فهذه أمثلةٌ وصورٌ من الدلالةِ النحويَّة وأوجهِهِا، قُصِدَ بها التنبيهُ على هذا المعنى من معاني النحو، ولم يقصُد بها إلى استقصاء حالات النحو كُلَّها لأنَّه كُلُّ بابٍ من الأبواب النحوية يستحق أنْ يستقلَ به بحثٌ برأسِهِ.

وقد اقتضت طبيعة المادة بعد جمعها أنْ تُقَسَّمَ على ثلاثةِ فصول، يسبقها تمهيدٌ ومقدمةٌ، ويعقبها نتائج وخاتمة، وهي على وفق الآتي:

التمهيد/ ابتدأه الباحث بثلاثة أقسام، تناول في القسم الأوَّل حياة الشيخ الكفعميّ وما يتعلق بها من حيث أساتذته وشيوخه، ومكانته العلميِّة، وأقوال العلماء في حقه ومصنفاته وآثاره، و(بلاغته) خطبه واشعاره، أمّا القسم الثاني: فكان في وصف كتاب المصباح وقيمته، وعنواناته ونسخ الكتاب ومختصراته وتحقيقه، أما القسم الثالث: فكان في الدعاءِ لغةً واصطلاحًا، والدلالة لغة واصطلاحًا وأنواع الدلالة .

 الفصل الأول: فانتظم بمبحثين. الأول منهما خَصَّصه الباحث للحديث عن الجملة الإسميَّة المطلقة والمقيدة، وثانيهما الدلالة الزَّمنية للجملة الفعليَّة.

ودرس الباحث في الفصل الثاني: دلالة الاساليب النحويَّة ؛ إذ تناول ثلاثة أساليب أفرد مبحثًا لِكُلِّ اسلوبٍ فالمبحث الأوَّل تناول فيه أسلوبَ النداء والمبحث الثاني تناول فيه أسلوبَ الاستفهام والمبحث الثالث تناول فيه أسلوبَ النفي.

والفصل الثالث اختَصَّ في مكملاتِ الجملةِ وجاء على ثلاثة مباحث ، درس في أوَّلِها: المجرورات بحرف الجر، والمجرورات بالإضافة، وفي المبحث الثاني: تحدَث عن المفاعيل وما يَشبَهُ المفاعيل، واختَصَّ المبحث الثالث للحديثِ عن  دلالة عوارض بناء الجملة.

وأوجز في الخاتمة أهم ما توصل إليه من نتائج في أثناء البحث في الأدعية.

 


Comments are disabled.